كلمة رئيس مجلس الإدارة :-

الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد..

فإن كتابَ اللهِ العظيم هو دستورنا وجامع أمر إيماننا، فيه صلاح الدنيا وسعادة الآخرة، وفيه هداية النفوس الظامِئَةِ دوماً إلى الهُدَى والمُحَاذِرَةِ من الرَّدَى، إليه يلجأُ العابدون في جُنْحِ الليالي، والقضاةُ فيما شَجَرَ بين الناس من اعتسافٍ أو خلافٍ طلباً للحَقِّ والإنصافِ، وإليه يركنُ طُلاَّبُ الحكمةِ والرَّشَادِ مع آياته التي تَتْرَى في مِنَحِهَا وينتهي الزمان ولا ينقضي عَجَبُهَا .والقرآن كلامُ اللهِ المُعْجِزُ الخالدُ النَّازِلُ على قلب رسوله سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم المتَعَبَّدِ بِتِلاوَتِهِ والمُتَحَدَّى بأقصرِ سورةٍ منه، قال الله تعالى: ﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾ وقال تعالى: ﴿ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ وقال الله تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾ وقد تكفل الله تعالى بحفظ القرآن بعد تمام نزوله على قلب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في عهد الخليفة الأول سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه من التحريف والتزييف والزيادة والنقصان وفاءً بوعده الصادق سبحانه: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ ومن سبل حفظه أن قيض له رجالاً قاموا بجمعه وتنظيمه وحفظه ، لذلك كان لمن ولاَه الله تعالى حفظ كتابه أجوراً عظيمة إن أخلص النية لله سبحانه وتعالى ، من ذلك الفضل قوله صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ الْقُرْآنَ يَلْقَى صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهُ قَبْرُهُ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ يَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُنِي؟ فَيَقُولُ لَهُ: مَا أَعْرِفُكَ، فَيَقُولُ: أَنَا صَاحِبُكَ الْقُرْآنُ الَّذِي أَظْمَأْتُكَ فِي الْهَوَاجِرِ، وَأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ، وَإِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِهِ وَأَنْتَ الْيَوْمَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تَجارةٍ، قَالَ: فَيُعْطَى الْمُلْكَ يَمِينِهِ، وَالْخُلْدَ بِشِمَالِهِ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ، وَيَكْسِي وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ لاَ يَقُومُ لَهُمَا أَهْلُ الدُّنْيَا، فَيَقُولاَنِ بِمَا كُسِينَا هَذَا فَيُقَالُ: بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ، ثُمَّ يُقَالُ: اقْرَأْ وَاصْعَدْ فِي دَرَجِ الْجَنَّةَ وَغُرَفِهَا فَهُوَ فِي صُعُودٍ مَا دَامَ يَقْرَأُ هَذًّا كَانَ أو تَرْتِيلاً)

 ، وكفى حاملُ القرآن شرفاً أنه يُدْعَى على رءوس الأشهاد يوم القيامة للتكريم في ذاك الموقف الرهيب الذي قال الله عنه:

  (يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيد)

ففي هذا اليوم يَوْمِ الْقِيَامَةِ يَجِيءُ صَاحِبُ القُرْآنِ كما قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُ الْقُرْآنُ:

يَا رَبِّ حَلِّهِ؛ فَيُلْبَسُ تَاجَ الْكَرَامَةِ، ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ زِدْهُ؛ فَيُلْبَسُ حُلَّةَ الْكَرَامَةِ، ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ ارْضَ عَنْهُ؛ فَيَرْضَى عَنْهُ، فَيُقَالُ لَهُ اقْرَأْ وَارْقَ وَتُزَادُ بِكُلِّ آيَةٍ حَسَنَةً

نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل القرآن إنه ولي ذلك والقادر عليه